صورة لمتحف الفاتيكان
الاثنين, 27 أكتوبر 2008 18:17
تساءل العديد من القراء عما جاء فى مقال " خطاب ال138 والفاتيكان " ومطلب البابا بنديكت السادس عشر بأنه "يتعين على المسلمين أن يسلكوا الطريق الذى سلكته وأتمته الكنيسة الكاثوليكية تحت ضغوط عصر التنوير"، وعبارته الأخرى والأكثر وضوحا
: " أن العالم الإسلامى يجد نفسه اليوم فى حاجة ملحّة أمام مهمة شديدة الشبه بتلك التى تم فرضها على المسيحيين إبتداء من عصر التنوير، والتى أتى لها مجمع الفاتيكان الثانى بحلول جذرية للكنيسة الكاثوليكية بعد أبحاث طويلة مضنية"..
لذلك سنتناول هنا موضوع " الفاتيكان وعصر التنوير" باختصار شديد أو بالقدر الذى يسمح به تناول عدة قرون فى بضعة صفحات !. ومن هنا سينقسم التناول إلى جزئين أساسيين، الفاتيكان كدولة وكرسى بابوى، ثم عصر التنوير، وتسبقه نبذة عن عصر الظلمات الذى كان سببا فى إنطلاقة وإستمرار عصر التنوير..
1 ـ الفاتيكان:
ينقسم مسمى الفاتيكان إلى جزئين: مدينة دولة الفاتيكان، ويمكن تشبيهه بالبنتاجون، من حيث أن له قوانينه الغامضة، المقلقة على الأقل كنظام دولة لا دولة له، وكل الذين ينتمون إليه يميلون إلى الحذر والإبهام.. فدولة مدينة الفاتيكان هذه تنعم بوضع دولى لا مثيل له فى العالم، من حيث تاريخها المثقل بالدماء عبر القرون، ومن حيث حداثة ميلادها كدولة، إذ تم إنشاؤها فى 11/2/1929 ! وذلك بناء على معاهدة لاتران التى حددت مكانها ومساحتها فى تلك الهكتارات الأربعة وأربعين، على أحد تلال روما السبعة والمسمى فاتيكانوس، ومنه اسم الفاتيكان. فهى ليست دولة بمعنى الكلمة، وإنما هو وضع يسمح للمؤسسة الكنسية بالتدخل فى الشؤن الدولية ! لكن ما من أحد يعترض على عدم المشروعية هذه، والجميع يغضون الطرف !
و المسمى الآخر، وهو: الكرسى الرسولى أو البابوى، نسبة إلى بولس الرسول، و يترأس إدارة الشؤن الدينية المتعلقة بالكنيسة الكاثوليكية فى العالم. والإثنان، مدينة دولة الفاتيكان والكرسى الرسولى يترأسهما البابا ! وهو ما يكشف عن مدى إستمرار تمسك البابوية بالسلطة المدنية أو الدنيوية، التي انسحبت منها، على الأقل اسما، بموجب معاهدة لاتران عام 1929.
وترجع هذه التقسيمة أو تحديد مساحة الفاتيكان، وكانت تسمى قبل ذلك "الممالك البابوية "، إلى الوضع التاريخي، إذ كانت تلك الممالك تضم مساحات شاسعة، استحوذ عليها البابوات على مر التاريخ، بناء على وثيقة مزوّرة، قام بتزويرها أحد البابوات فى عام 754 م، وتسمى " هبة قسطنطين ".. وتعنى أن الإمبراطور قسطنطين كان قد وهب البابا سيلفستر الأول، عام 335، أى بعد تأليه السيد المسيح بعشرة أعوام.. بما أن البابا خليفة القديس بطرس، فإن له الأولوية على البطرياركات الشرقية التالية: إنطاكيا، والإسكندرية، والقسطنطينية، والقدس. وكذلك الأولوية على كافة أسقفيات العالم. وتشير الوثيقة إلى أن قسطنطين قام بالتنازل للبابا عن قصر لاتران، وهو أكبر وأجمل قصر شيد حتى ذلك الوقت. وتنص على أن بازليكا مدينة لاتران فى روما والتى بناها قسطنطين ستترأس كافة الكنائس حتى كنيستا القديس بطرس والقديس بولس. وهى الكنيسة التى أصبح نيكولا ساركوزى رئيسا فخريا لها يوم الخميس 20 ديسمبر 2007 !!
وتواصل وثيقة "هبة قسطنطين" المزورة تزويد كنيستا بطرس وبولس بممتلكات ثرية. كما وهب الإمبراطور للبابا لقب رئيس أساقفة روما، الذي يمكّنه من إستقبال أعضاء مجلس الشيوخ، وأنه سيحصل على نفس التكريم والمميزات التى يحصل عليها أعضاء مجلس الشيوخ. ومثلها مثل الإمبراطور، فإن كنيسة روما سوف يكون لها الحاشية الخاصة بها، وطاقم الضيافة الخارجى والداخلي، والحرس الداخلي والخارجي. كما سوف ينعم البابا بنفس الحقوق الفخرية والتبجيلية كالإمبراطور، ومن بينها إرتداء التاج الإمبراطورى والرداء القرمزى وإجمالا كافة العلامات والشارات الخاصة بالتمييز الإمبراطوري. أي إن كل الهيلمان البذخى الذى ينعم به قادة تلك المؤسسة مبنى على وثيقة مزورة وهو أبعد ما يكون عن تعاليم السيد المسيح عليه السلام !!
خريطة الفاتيكان
وتضيف الوثيقة أن الإمبراطور قد أضفى على البابا شرف التكريم الذى يحصل عليه الفارس وجواده. كما تضيف الوثيقة أن الإمبراطور قسطنطين قد منح البابا وكل من يخلفونه من بعده إضافة إلى قصر لاتران مدينة روما وكل المقاطعات التى من حولها وكافة مدن إيطاليا وكافة المناطق الغربية للإمبراطورية !
وظل العمل بهذه الوثيقة المزوّرة ساريا ومستخدما إلى أن قام العالِم لورنزو فاللا( L.Valla) وأثبت تزييفها عام 1442. إلا أن المؤسسة الكنسية لم تعترف بتزويرها سوى فى القرن التاسع عشر، وعلى الرغم من ذلك، لم تتنازل عما استولت عليه زورا وبهتانا. ويمثل البحث الذى أجراه فاللا حجر الأساس لتيار نقد النصوص والوثائق الدينية الذى وصل به القس ريشار سيمون إلى القمة فى القرن السابع عشر.
وظلت هذه "الممالك البابوية" حتى الثورة الفرنسية، عندما تم إرسال الجنرال نابليون بونابارت وإستولى على روما فى 6/2/1798، وطالب البابا بالتنازل عن السلطة المدنية. وتواصل الصراع البابوى للحفاظ على السلطتين حتى تم توحيد إيطاليا وتحديد مقر البابا أيام موسولينى و إنشاء "مدينة دولة الفاتيكان" عام 1929 !.
ولم تكن وثيقة "هبة قسطنطين" Donation of Constantine)) هي الوثيقة االمزوّرة الوحيدة فى تلك المؤسسة الكنسية وإنما هناك عدد لا حصر له من الوثائق المعروف باسم "القرارات المزورة " False Decretals )) والتى أضفوا عليها عبارة " التزوير الورع " خجلا وتمويها Pious Forgery )).. وهو ما يكشف عن الأساس الفاسد وغير الشرعى الذى يرتفع عليه بنيان ذلك الصرح الفاتيكانى..
الإثنين أغسطس 10, 2009 9:48 am من طرف فارس الاسلام
» خطاب ال138 والفاتيكان
الأحد أغسطس 02, 2009 5:48 pm من طرف فارس الاسلام
» وتمخض المؤتمر عن مطالب بنديكت
الأحد أغسطس 02, 2009 5:38 pm من طرف فارس الاسلام
» وثيقة في زماننا هذا وعلاقات الكنيسة بالإسلام
الأحد أغسطس 02, 2009 5:32 pm من طرف فارس الاسلام
» الفاتيكان وعصر التنوير
الأحد أغسطس 02, 2009 5:18 pm من طرف فارس الاسلام
» تكملة الموضوع
الأحد أغسطس 02, 2009 5:04 pm من طرف فارس الاسلام
» خديعة حوار الأديان إلى أين ??
الأحد أغسطس 02, 2009 5:03 pm من طرف فارس الاسلام
» لمسيحية والمؤرخــــــــــون الــقدامى 1/4
الأحد أغسطس 02, 2009 4:27 pm من طرف فارس الاسلام
» توجيهات من أجل حوار بين المسيحين و المسلمين، للكاردينال موريللا..
الأحد أغسطس 02, 2009 4:13 pm من طرف فارس الاسلام