شعار دولة الفاتيكا
لاثنين, 27 أكتوبر 2008 18:23
إن هذا الموضوع أكبر بكثير من أن يعالج في مثل هذا الحيّز المحدود، ورياح الغدر والتواطوء تخيّم على الآفاق، وإن كان بيع أرض فلسطين قد بدأ بالخيانة وتواصل بالهرولة والتواطوء، فإن الأحداث تشير إلى أن نفس الكرّة تعاد في حق الإسلام !
ففي 29 نوفمبر 2007، أي بعد شهر ونصف تقريبا، أعلن البابا بنديكت السادس عشر ـ باسم أمين سر دولة الفاتيكان وليس باسمه، رده على خطاب ال138 مسلما الذين هروَلوا ـ جهلا أوعن عمد، استجابة للمساعي الخفية التي قادها رجال الفاتيكان، وبعض أعوانهم، لرأب الصدع الذي نجم عن محاضرة راتسبون، التي سب فيها البابا الإسلام والمسلمين وسيدنا محمد عليه صلوات الله، وربط فيها بين الإسلام والإرهاب. والمعروف أنه لم يعتذر للآن عن موقفه هذا، وفقا لمطلب القيادات الإسلامية، وإنما اعتذر عن رد فعل المسلمين وهمجيته !!
ورد البابا موجه إلى الأمير غازي بن محمد بن طلال، المسؤل عن مؤسسة آل البيت بالأردن، والذي تزعم تلك المبادرة التي انقاد إليها 138 مسلما من44 دولة بمختلف المراكز والألقاب والتوجهات..
ومن الغريب أن رد البابا موقع عليه يوم 19 نوفمبر، وأعلن يوم 29، مع إعلان خطابه الرسولى الثاني المعنون " بالآمال نحن منقذون"، ـ ولعل الحكمة في تأخير إعلان الرد ترجع إلى الرغبة في زجه تحت الظل اوأملا في أن تنصير المسلمين سوف ينقذه بتحقيق آماله ! فالإعلام كله في الغرب قد تناول خطابه الرسولى، ولا إشارة تذكر تقريبا لرده على أولئك المسلمين إلا في جرائده ومواقعه الفاتيكانية..
وقد أعرب البابا عن " تقديره العميق لهذه اللفتة وللروح الإيجابي الذي ألهم خطاب المسلمين".. وبعد تذكيره بالخلافات العقائدية بين المسيحيين والمسلمين"، أشار إلى أن ما يجمع هاتين العقيدتين (المسيحية والإسلام) هو: "الإيمان بالإله الواحد"، الذي " في نهاية الزمان سوف يحاكم كل إنسان وفقا لعمله".. وهى العبارة الواردة في وثيقة " في زماننا هذا" الناجمة عن مجمع الفاتيكان الثاني عام 1965، التي برأ فيها اليهود،ووضع فيها الفاتيكان آنذاك الإسلام بين ديانات الشرق الأقصى، وأبعد فيها المسلمين عن عمد عن نسبهم لسيدنا إبراهيم ! وقد تناولت تلك الوثيقة بالتفصيل في مقال سابق.
كما أعرب البابا عن رضاه من أن المسلمين قد اختاروا أن يكون موضوع " محبة الله ومحبة القريب"، التي كانت محور خطابه الرسولى الأول، هي نفسها محور خطاب المسلمين ! ثم راح يملى شروطه من أجل إمكانية عمل حوار مشترك، وهى : احترام كرامة كل إنسان، المعرفة الموضوعية لديانة الآخر، تقاسم التجربة الدينية "، وكلها عبارات مضغمة لمطالب معينة، وبعد تطبيق ذلك أوضح أنه يمكن التعاون : "في المجالات الثقافية والاجتماعية من أجل دعم العدالة والسلام " موضحا أن آفاق التعاون هي " ثقافية واجتماعية وليست لاهوتية "..
أي ما معناه أنه لا نقاش في العقيدة، التي هي الخلاف الأساس بين المسيحية والإسلام. وهو نفس الموقف الذي أتبعته من قبل لجنة الحوار الفاتيكانية وفرضت على أعضاء اللجنة في الأزهر أن يوقعوا على أنه لا نقاش في العقيدة !
ثم أوكل البابا إلى الدكتور عارف على النايض، الذي كان يعمل في المعهد البابوي للدراسات العربية والإسلامية، اختيار وفدا من الموقعين على الخطاب للقائه، موضحا أن هذا الوفد سيمكنه الاجتماع بحوالي عشرة من الخبراء الكاثوليك، تحت قيادة المجلس البابوي للحوار الديني، برئاسة الكاردينال جان لوى توران، والجامعة البابوية الجريجورية، والمعهد البابوى للدراسات الإسلامية والعربية. والسيد توران هذا هوا لقائل " أن الخيط الموجِّه لعملي في الحوار سيكون وثيقة "في زماننا هذا"..
وفى الثلاثين من الشهر، أي ثاني يوم إعلان رد البابا، علّق الكاردينال جان لوى توران، الذي سيترأس الحوار، قائلا في حديث له مع جريدة "أفنيرى"(Avvenire) الإيطالية : "لدى المسلمين يمكننا تقدير حجم إعلائهم لله، وقيمة الصلاة والصوم، وشجاعة إعلانهم عن إيمانهم في الحياة العامة ". ثم أضاف قائلا: "ومن جانبهم يمكنهم أن يتعلموا منّا قيمة العلمانية الصحيحة ( !) وأنه يتعيّن على المسلمين أن يكتشفوا قيم عدم إجبار أوحرمان شخصا من ممارسة دين ما.. فما هو مباح لطرف يجب أن يكون مباحا للطرف الآخر، ومن هذا المنطلق إن كان من الصواب أن يكون للمسلمين مسجدا كبيرا وجميلا في روما، فمن الصواب أيضا ومن الضروري أن يكون للمسيحيين كنيستهم في الرياض"!
ثم أشار إلى "إن مبدأ المبادلة هذا يمكن أن يتم بصورة فعالة عبر الحوار البلوماسى والكرسى الرسولى وحكومات البلدان ذات الأغلبية المسلمة ".. ثم أوضح الكاردينال أنه لا حوار ممكن مع " إسلام يبشر ويمارس الإرهاب، الذي هو ليس إسلام أصلي وإنما تحريف للإسلام " ـ وهى عبارة مأخوذة من أحد تصريحات الدكتور عارف على النايض في حديثه مع إذاعة البى بى سى قائلا : " إن التعاليم الحقيقة للقرآن أيضا قد اختلطت بسبب انحلال وجمود داخلي للعالم الإسلامي، مما أدى إلى حدوث تحريفات للإسلام الشرعي، الشديد التسييس والخالي روحيا (...) ومن ضمن هذه التحريفات ذلك الانطلاق الحالي للإرهاب باسم الدين والذي يتعين على كل واحد منا الواجب الديني والأخلاقي لإدانته وطرده "..
أما الطامة الكبرى فهي مطلب البابا من ذلك الحوار الذي سيبدأ عما قريب : فهو يطالب الإسلام " أن يتبع نفس الطريق الذي سلكته وأتمته الكنيسة الكاثوليكية تحت ضغوط عصر التنوير. وأن حب الله وحب القريب يجب أن يتحقق في القبول التام لحرية العقيدة "، أي ما معناه الإقرار بأن نص القرآن ليس منزّلا وفتح الأبواب على مصراعيها لعمليات التبشير.
وكان البابا قد أعرب بأوضح الصور عن معنى الحوار الذي يريده مع الإسلام في الخطاب الذي ألقاه أمام الإدارة البابوية يوم 22 ديسمبر 2006، بمناسبة تقديمه التهنئة بأعياد الميلاد إلى أعضاء لجنة اللاهوت الدولية، حيث قام بشرح الوصايا العشر وأنها تمثل " أساسا لقيم أخلاقية عالمية" ويمكن تلخيصها في أهم نقطتين هما : حب الله وحب القريب، ثم أعرب عن رأيه في الحوار مع المسلمين قائلا : " في الحوار الذي يجب علينا تكثيفه مع الإسلام، علينا أن نضع أمام أعيننا واقع أن العالم الإسلامي يجد نفسه اليوم في حاجة ملحّة أمام مهمة شديدة الشبه بتلك التي تم فرضها على المسيحيين ابتداء من عصر التنوير والتي أتى لها مجمع الفاتيكان الثاني بحلول جذرية للكنيسة الكاثوليكية بعد أبحاث طويلة مضنية "..
وقبل أن نتناول التعليق على ما عرضناه بعالية، تجدر الإشارة إلى المناخ غير الصحي الذي تم فيه "طبخ " ذلك الخطاب الموقّع علية من 138 "مسلما " ! فمجرد إلقاء نظرة على مختلف الوثائق والردود التي واكبته، ندرك أن هناك ما يحاك في الخفاء : إذ توجد متناقضات في تاريخ تقديم الخطاب من 11 إلى 13 أكتوبر، وهناك إشارة إلى أنه تم تقديمه في أمريكا قبل تقديمه للبابا وباقي القيادات المسيحية، وهناك تعليقات على الخطاب بتاريخ 9/10، أي قبل تقديمه على الأقل بيومين ( ؟ ! )، من قبيل رد جامعة كمبريدج، ورد دكتور روان ويليامز، اسقف كانتربرى يوم 11، لوإفترضنا أن الخطاب تم تقديمه يوم 11وليس يوم 13 وانبثق الرد جاهزا في نفس اللحظة !..
وفى 13/10 أصدر الموقع التابع للفاتيكان تلخيصا رسميا للخطاب بقلم ساندروماجيستر، موضحا أن هذا الخطاب قد تم الإعداد له في مؤتمر بالأردن في سبتمبر 2007، وأن من أهم العاملين عليه الدكتور عارف على النايض، الذي كان يعمل بمعهد اللاهوت البابوى للدراسات العربية والإسلامية، وأنه هووغيره قد التقوا عدة مرات بقيادات في الإدارة الفاتيكانية قبل إصدار ذلك الخطاب ، الذي بدأ الإعداد له منذ عام تقريبا، وأن أهم ما يميّز هذه الوثيقة أنها غير جدالية، بمعنى أنها تجاوزت أوتناست الخلافات العقائدية.. إذ أن الوثيقة قائمة على عبارة " قل هوالله أحد الله الصمد " وتغاضت عن " لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد " !..
الإثنين أغسطس 10, 2009 9:48 am من طرف فارس الاسلام
» خطاب ال138 والفاتيكان
الأحد أغسطس 02, 2009 5:48 pm من طرف فارس الاسلام
» وتمخض المؤتمر عن مطالب بنديكت
الأحد أغسطس 02, 2009 5:38 pm من طرف فارس الاسلام
» وثيقة في زماننا هذا وعلاقات الكنيسة بالإسلام
الأحد أغسطس 02, 2009 5:32 pm من طرف فارس الاسلام
» الفاتيكان وعصر التنوير
الأحد أغسطس 02, 2009 5:18 pm من طرف فارس الاسلام
» تكملة الموضوع
الأحد أغسطس 02, 2009 5:04 pm من طرف فارس الاسلام
» خديعة حوار الأديان إلى أين ??
الأحد أغسطس 02, 2009 5:03 pm من طرف فارس الاسلام
» لمسيحية والمؤرخــــــــــون الــقدامى 1/4
الأحد أغسطس 02, 2009 4:27 pm من طرف فارس الاسلام
» توجيهات من أجل حوار بين المسيحين و المسلمين، للكاردينال موريللا..
الأحد أغسطس 02, 2009 4:13 pm من طرف فارس الاسلام